قد يشك بعض الناس في التمييز بين الثقة والغطرسة. وعلى الرغم من التشابه الظاهري الذي تشير إليه هاتان السمتان لدى الشخص من حيث تقدير الذات، إلا أن سمة التكبر لها تأثير سلبي حيث أنها تحرر الإنسان من محتواه الفكري الخاص، بالإضافة إلى تأثيرها على مستوى الاغتراب الاجتماعي. ومن ناحية أخرى، نلاحظ أن الشخص الواثق من نفسه يؤمن بقدراته وإمكانياته، مع ما لذلك من أثر إيجابي على تحسين فرص تحقيق الأحلام. بالإضافة إلى ما يلهمه من قدرة الإنسان على التحكم في أي تصرف يصدر منه. علاوة على ذلك، فإن الثقة بالنفس هي ترجمة عملية لما خزنه الإنسان داخل نفسه. لديها ثروة من المعلومات والخبرة، ولهذا تعتبر سمة محمودة ومرغوبة. لسوء الحظ، يعاني الكثير من الأشخاص من انخفاض الثقة بالنفس، على الرغم من أنهم هم أنفسهم قد يمتلكون المواهب والخبرات التي تتطلب هذه الجودة حقًا. ونظراً لأهمية هذه السمة، لذلك نخصص هذا المقال للإجابة على سؤال: هل عدم الثقة بالنفس مرض نفسي؟

هل عدم الثقة بالنفس مرض نفسي؟

يشير العديد من علماء النفس إلى أن الثقة بالنفس هي سمة مكتسبة وليست فطرية. وقد تكون هذه النتيجة واضحة حيث أن الثقة بالنفس تقوم على التنشئة الاجتماعية والدعم الأسري الذي يتلقاه الفرد، بالإضافة إلى الدعم الشخصي الذي يقدمه الفرد لنفسه من خلال السعي لتطوير نفسه وعدم التقليل من إمكاناته. وتأتي أهمية اكتساب الإنسان لهذه الصفة من أنها تساعد على تنفيذ جميع أفعاله وأفعاله بسرعة دون الحاجة إلى أن يكون ببغاءً بشريًا. كما تبعده عن الانصياع للمقتضيات المجتمعية للمعتقدات الفكرية والعادات الاجتماعية وذلك لأن الثقة بالنفس هي اللبنة الأساسية للشخصية وبناء على ما سبق أن الثقة صفة مكتسبة يمكن الإجابة السؤال في عنوان المقال: هل عدم الثقة بالنفس مرض نفسي؟ بالطبع لا.

أسباب عدم الثقة بالنفس

كنا قد أشرنا في بداية الفقرة السابقة إلى أن عدم الثقة بالنفس يعد مرضاً نفسياً وأن الثقة بالنفس تعتمد على الدعم الاجتماعي والأسري الذي يتلقاه الإنسان، بالإضافة إلى مساعدة نفسه على بناء نفسه، وهذه الثقة تأتي من الإيمان بالقدرات وعدم الاستهانة بالقدرات. لذلك، فيما يلي سنتناول بالتفصيل أسباب عدم الثقة بالنفس:

  • السبب الأول الذي يمكن أن يثير التساؤل حول ما إذا كان انعدام الثقة بالنفس مرضاً نفسياً هو الشعور بالدونية وكراهية الذات.
  • أثبتت العديد من التجارب أن الشخص إذا استمر في انتقاد نفسه بنقد سلبي جارح، مثل “أنا غبي” أو “أنا فاشل”، فإنه في الواقع يحوله إلى شخص غبي وفاشل. وتفسر هذه النتيجة بأن مثل هذا النقد السلبي من شأنه أن يهز ثقة الإنسان بنفسه.
  • دائما نجد أن الأشخاص الذين يعانون من قلة الثقة بالنفس هم أشخاص سلبيون. وهذا يعني أنهم يركزون دائمًا على الجوانب السلبية التي تميزهم، بينما يتجاهلون الكثير من الصفات الحميدة التي يمتلكونها.
  • لأن التربية التي ينشأ فيها الإنسان خلال طفولته هي أساس شخصيته وتفكيره وصفاته النفسية. ولذلك فإن التربية الخاطئة واستمرار تخويف الطفل وإساءة معاملته تعتبر حجر الأساس في تنمية شخصية ناعمة ضعيفة ضعيفة الثقة بالنفس.
  • عدم تشجيع الطفل وتجاهل أفكاره والتقليل من قدراته يجعل الطفل يشعر بالنقص وعدم الأهمية، مما يعزز مشاعر عدم الثقة بالنفس.
  • من أكثر الفخاخ النفسية التي يمكن أن يقع فيها الآباء عند تربية أطفالهم هو مقارنة أطفالهم باستمرار بأصدقائهم أو أقاربهم الآخرين، وهو ما يطرح السؤال: هل عدم الثقة بالنفس مرض نفسي؟
  • إذا فشل الشخص في الدراسة أو في العمل، فقد يكون ذلك عاملاً يزيد من عدم ثقته بنفسه.

كيف يمكنك العمل على زيادة ثقتك بنفسك؟

إذا كنت تتساءل هل عدم الثقة بالنفس مرض نفسي، فهذا يعني أنك وصلت إلى مرحلة عميقة من عدم احترام الذات. ولهذا السبب عليك علاج هذا الشعور بسرعة. ويبدأ ذلك بالتصالح مع نفسك والإيمان بقدراتك وتحديد أسباب عدم ثقتك بنفسك والعمل على إدارتها والقضاء عليها. إليك بعض النصائح لتعزيز ثقتك بنفسك:

  • ممارسة التمارين الرياضية بانتظام يمكن أن تعزز الثقة بالنفس. ولأن التمارين الرياضية تحفز إفراز هرمون الدوبامين، فإنها تلعب دوراً بارزاً في تحسين الحالة المزاجية.
  • لأن الثقة بالنفس غالبا ما ينظر إليها على أنها ترجمة حرفية للمعلومات والخبرات التي تراكمت لدى الشخص. ولذلك فإن تثقيف نفسك من خلال القراءة والتفاعل مع الناجحين يزيد بشكل كبير من هذا الشعور بالثقة بالنفس.
  • تحدي نفسك وقاوم مخاوفك. على سبيل المثال، إذا كنت تخاف من التحدث أمام الجمهور، وإذا كنت تريد زيادة ثقتك بنفسك، فعليك الخروج إلى الأماكن العامة بوعي، على الرغم من أن هذا الإجراء قد يجعلك في البداية محرجًا ومنزعجًا وندمًا، لكن على المدى الطويل سيصبح لك. استبعد الفرضية القائلة بأن عدم الثقة بالنفس هو مرض عقلي.
  • في كثير من الحالات، يمكن أن يكون للمظهر الجسدي للشخص تأثير على نفسيته. لذلك، يمكنك العمل على ثقتك بنفسك من خلال الاهتمام بمظهرك الجسدي.
  • اخرج من منطقة الراحة التي تحد من الكثير من قدراتك وتؤثر سلباً على ثقتك بنفسك. عليك بالتحلي بالشجاعة واتخاذ القرارات الجريئة لما لها من آثار ودلالات إيجابية.

صفات الشخص الواثق من نفسه

هناك العديد من الخصائص والعلامات النفسية والجسدية التي يمكن أن تشير إلى أن الشخص قد تغلب على الشعور بأن عدم الثقة بالنفس هو مرض عقلي وتمكن من اتباع البروتوكولات التي من شأنها زيادة احترامه لذاته. وتشمل هذه، من بين أمور أخرى، الخصائص التي نذكرها:

  • القدرة على التحكم في العواطف

الشخص الواثق يظهر رباطة جأشه. لأنه هو الذي يوجه انفعالاته وليس العكس، وبالتالي لا يسمح لنفسه أن تنقاد لمشاعر الخوف أو الألم أو الهلع، بل يظل مسيطراً على نفسه.

  • التركيز على النقاط الإيجابية

أولئك الذين ينجحون في الهروب من الشعور بانعدام الثقة بالنفس يغيرون طريقة تعاملهم مع الأمور ويركزون على الأفكار الإيجابية والبناءة.

  • تحلى بالشجاعة وواجه المشاكل التي تعترض طريقك

يتميز الشخص ذو الثقة العالية بالنفس بأنه يواجه دائماً أي انتقادات سلبية قد توجه إليه ولا يخجل من المشكلات بل على العكس يسارع إلى حلها.

  • ابتعد عن أي مقارنة

أي شخص تغلب على الشعور بأن عدم الثقة بالنفس هو مرض عقلي، لا يستسلم للمقارنات عديمة الفائدة.

  • القدرة على قول لا

وهذا يعني أن الإنسان الذي يتمتع بالثقة بالنفس قادر على رفض أي شيء يتعارض مع أفكاره ومعتقداته دون خوف.

  • الأشخاص الواثقون يستمعون أكثر مما يتحدثون

وذلك لإيمانه بأن التعلم وبناء الخبرات يأتي من تحسين مهارات الاستماع والإصغاء. فهو لا يتكلم من أجل الكلام فحسب، بل يستمع أولاً ثم يتكلم.

الشخص الواثق من نفسه يؤمن بكل ما يقوله ولا يخشى التعبير عن رأيه.

  • القدرة على تبادل المحادثات

وهذا لا يعني أن الشخص الواثق من نفسه هو شخص يعتبر اجتماعيا. ونعني بهذا أن الشخص الواثق من نفسه قادر على الدخول في الجدل والنقاش عندما يتطلب الموقف ذلك.