هل يجوز الترحم على المنتحر، على مر العصور والأزمان، تقع العديد من الأحكام الفقهية التي تختلف وتتجدد من حين إلى آخر وذلك وفق الظروف التي تطرأ، والرؤى التي تختلف، حيث يتصف الفقه بالمرونة، في ضوء تحقيق غايات الدين العظيمة المتمثلة بالرحمة والسلام والحضارة والنمو والتطور، وعليه يتساءل العديد من الناس في عصرنا عن مسألى قديمة جديدة، وهي قضية الانتحار، تل التي تعتبر من أكثر القضايا مأساوية، لا سيما وأن المنتحر القائم بهذه الخطوة، لا شكّ أنه يعاني من كثير من المشكلات النفسية، والتي تكون غالبًا في منتهى القسوة، فما هو حكم الترحم على المنتحر إذن؟

المقاربة النفسية للمنتحر.. حتى نفهم

قد يتكلم العديد من الأشخاص في هذا الموضوع، وقد يتحدث الناس حوله بآراءهم، والتي تتسم غالبًا بعدم التخصص مما يوقعهم في جهلٍ كبير، وفي خذم هذه الحالة، ولأن الدين أساسه الرحمة والإنصاف، وجوهره المعرفة، فإننا لا بدّ أن نوضح لحضراتكم المقاربة النفسية للمنتحر، لكي نفهمه حقًا، وبعد ذلك نستطيع بالفعل الحكم إن كان يستحق الترحم عليه أم لا!

في واقع الامر، إن خطوة الانتحار، لا يمكن أن تأتي وليدة لحظة مغامرة، يقرر فيها صاحبها أن يكفر بالله الذي خلقه وأنعم عليه بالحياة، فيعتدي على حياته ليموت مقبلًا على النار كما يصور البعض!

أنما المتتحر، في غالب الأحوال، هو إنسان لا يقبع في نفس النقطة التي تعيشها انت، ولا توجد لديهم همومك انت، ولا طاقتك أنت، لذا لا يجوز الحكم على الامر بظاهره، إنما المقدم على الانتحار، هو غنسان يعاني معاناة شديدة، وقد يعاني من الكثير من الأمراض العقلية والنفسية، والتي تعتبر معاناتها من أهول العناءات في هذه الدنيا، لذا فالمنتحر هو إنسان طيب، يستحق غالبًا الشفقة، وهذا من سلوك المؤمن الذي لا يمكن أن يتحرك بالحكم على الناس وكراهيتهم، مهما كانوا!

هل يجوز الترحم على المنتحر

يتساءل العديد من المسلمين في عصرنا عن هذا السؤال، والذي تثار حوله الجدالات الكثيرة، والنقاشات المريرة، وبفعل سيطرة الفكر المتطرف على منابر التحدث بالدين، فإن ثقافة المجتمع العربي بنيت على الكراهية، لا سيما وأن منابر الدين في عصرنا، هي منابر مسمومة، لا تتحدث بالدين، بقدر ما تتحدث بهوى النفس، مما يجرها لطرح العديد من الاحكام التي لا تمت لروح الدين بصلة، ومنها الحكم بعدم جواز الترحم على المنتحر! والذي يتشدد فيه البعض، دون أدنى معرفة في المسألة، ودون أي مقاربة علمية أوز نفسية للأمر، وبكلّ غلظة وسطجية وسذاجة.

وبالرجوع لمشايخ الدين المعتبرين، فإننا نجد الحكم الوسطي العميق والذي يجيز الترحم والشفقة على المنتحر، وذلك أولًا تطهيرا لقلوبنا، لأن أمر الله نافذ، ولن يؤثر كثيرا ترحمنا من عدمه، فلا بدّ عليك اخي التحلي بروح الدين، دين الله، دون محمد، والمرسلين، بعيدًا عن مشايخ لوثوه وحرفوه عن معناه القويم.

جكم المنتحر – يوتيوب 

دين الرحمة والمحبة

في حديثنا عن الأحكام الفقهية، لا بدّ لنا من التأكيد على اهم ما في الدين، ألا وهي معاني الرحمة، والمحبة، والتي أنزل الله عزّ وجل نبيه لكي يثبتها، ويمشي بها بين الخلق، تلك المعاني التي أكد عليها القرآن في العديد من المواقف، والنبي في سلوكه والذي كان قرآن يمشي على الأرض، وبالتالي، فإن فهم الدين وفق هذه القاعدة الحقّة، هو من يجعلك تنطلق في الفهم من منطلق سليم، لا يمكن أن يشوه بعدها أبدًا، منطق يتواءم مع الضمير الإنساني، وروح القرآن، ويتنافي مع ضمير الشيطان، ومنطق كبره وراهيته وحربه اللعين.

اقرأ أيضًا: حكم النفقة على الأولاد وإغناؤهم عن الحاجة للناس

إلى هنا زوارنا الأكارم، نكون قد وصلنا إلى نهاية المقال، والذي تناولنا من خلاله أهم أحكام الترحم على المنتحر، راجين من الله ان نكون قد وفقنا في تقديم ما يفيدكم وينفعكم.