وإدريس عليه السلام هو أحد الأنبياء الذين أرسلهم الله عز وجل لنشر رسالته، ونشر كلمته، والدعوة إلى الطاعة والابتعاد عن المنكر. وفي مقالنا القادم سنروي قصة النبي إدريس عليه السلام.

قصة النبي إدريس عليه السلام (شخصيته)

وإدريس عليه السلام هو النبي الثاني بعد آدم عليه السلام، ويقول بعض العلماء أنه النبي الثالث بعد آدم. ولما كان الله تعالى قد توفي لآدم عليه السلام، فقد استودع شيثاً وهو ابن آدم من صلبه.

وقد ذكر إدريس عليه السلام في القرآن الكريم مرتين، مرة في سورة مريم في قوله تعالى: (وذكر في كتاب إدريس إنه كان نبيا صادقا* ولقد رفعناه إليه) مكان مرتفع). ومرة أخرى في سورة الأنبياء في قوله تعالى: (وإسماعيل وإدريس وذو الكفل كل من الصابرين).

وعندما رجعنا إلى كتب قصص الأنبياء وسيرهم وجدنا كلمات كثيرة كتبت وقيلت عن النبي إدريس عليه السلام. كان هناك ارتباك كبير حول شخصيته. وقال بعضهم: اسمه أخنوخ، وأنه جاء من مصر، وأن الله آتاه الحكمة.

وقال بعضهم: إنه كان ساكناً ببلاد اليونان، وأن اسمه هرمس أو هرمس، على حسب التشكيل واللفظ. وقيل أيضًا إنه هرمس هرمس، أي كان حكيم الحكماء. وقيل أيضًا أن أسطورة إديس الفرعونية مأخوذة من قصة إدريس عليه السلام لتشابه الاسمين. ولا يوجد دليل قاطع على صحة هذه الأساطير والقصص، إذ لم يرد في القرآن الكريم أي حديث أو حوار لإدريس عليه السلام مع قومه.

وقيل إنه أول من كتب بالقلم، أي أول من أمسك القلم بيده وبدأ بالكتابة. وقيل أيضاً أنه أول خياط عرفته البشرية. ولما كان الناس يلبسون الجلود، جاء إدريس عليه السلام وعلم الناس خياطة الملابس وتجهيزها. وقالوا أيضًا إنه تعلم النجوم والأجرام السماوية، وعلم الناس ذلك، وعلم الناس الزراعة.

وقيل أيضاً أنه كان مهندساً وقد بنيت في عصره مدن كثيرة وأنه خطط هذه المدن وأشرف على بنائها. وقالوا إن إدريس عليه السلام التقى بآدم عليه السلام، والراجح في سنتنا أن الله تعالى آدم عليه السلام مات قبل ذلك.

قصة النبي إدريس عليه السلام (رفع إلى السماء)

وبعد نبي الله آدم عليه السلام استمر الناس على التوحيد قرونا عديدة، ثم بعث الله تعالى فيهم نبيا اسمه إدريس. ولم يكن الناس في ذلك الوقت مشركين، فكانوا لا يزالون يعبدون الله تعالى ويؤمنون بتوحيده. لكن الله تعالى أرسله ليذكر الناس بالله عز وجل ويحثهم على الإكثار من فعل الخير والطاعات وترك المحرمات.

ولم يترك نبي الله عز وجل إدريس عليه السلام أحدا إلا علمه الخير، ورشده، وذكره الخير، ونهيه عن المنكر.

وفي إحدى المرات أوحى الله تعالى إلى إدريس عليه السلام أنه لا يأتي يوم يا إدريس إلا ويكتب لك عمل أهل الأرض كلهم. ففرح سيدنا إدريس عليه السلام بهذه البشرى ودعا ربه أن يطيل في عمره ليكثر من العمل الصالح.

وفي يوم من الأيام رأى سيدنا إدريس عليه السلام أحد الملائكة فكلمه إدريس عليه السلام. فقال له: إذا رأيت ملك الموت فاسأله أن يطيل في عمري، فقال له الملك: لماذا لا أذهب بك إلى السماء وأكلم ملك الموت بنفسي؟

وبالفعل حمله الملك وصعد به إلى السماء الدنيا، ثم إلى السماء الثانية، ثم إلى السماء الثالثة، ثم إلى الرابعة.

قصة النبي إدريس عليه السلام (الذي يقبض روحه)

فلما وصلوا إلى السماء الرابعة وجدوا ملك الموت. فسلم عليه الملك وقال له: “سلم إدريس عليه السلام يا ملك الموت”، فقال له ملك الموت: وماذا يسأل؟ قال: إن إدريس يطلب منك الطول.

فسأل ملك الموت لماذا يريد هذا؟ فقال الملك: يريد أن يزيد في هذا عمله. فقال ملك الموت: وأين إدريس الآن؟ فقال له: معي الآن إدريس. فقال ملك الموت: سبحان الله، فقال ملك الموت: لماذا؟ قال ملك الموت: إن ربي أمرني أن أقبض روحه في السماء الرابعة. فلما نزلت وجدته قد صعد إلى السماء الرابعة.

فقال الملك الذي حمل إدريس عليه السلام: كم بقي له؟ فقال ملك الموت: لم يبق له إلا طرفة عين. فقبض الله روح إدريس عن طريق ملك الموت في السماء الرابعة. قال الله تعالى: (واذكر في الكتاب إدريس إنه كان نبيا حقا * ورفعناه مكانا عليا).

وبقي إدريس عليه السلام في السماء الرابعة، ومرَّ به النبي محمد صلى الله عليه وسلم في رحلة الإسراء والمعراج. فسلم عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وقال له: مرحباً بالنبي الصالح والأخ الصالح.

وإلى هنا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقالنا عن قصة النبي إدريس عليه السلام. نأمل أن تستمتع به.