وقد ذكر الله تعالى في كتابه الكريم أخبار الأمم السابقة وقصصهم، وأحوال هذه الأمم مع الرسل المرسلين إليهم. حتى يستفيد الناس من هذه القصص ويتعلموا من هذه الأخبار. وفي مقالنا القادم سنروي قصة النبي صالح عليه السلام.

قصة النبي صالح عليه السلام (بداية الدعوة)

وبعد نبي الله تعالى هود عليه السلام انتشر الشرك مرة أخرى وانتشرت عبادة الأصنام والأوثان. وفي منطقة تسمى الحجر انتشرت الفاحشة والرذيلة بين الناس. وهي منطقة جبلية تقع في الشمال الغربي من شبه الجزيرة العربية وتعرف الآن بمدائن صالح.

ولذلك أرسل الله تعالى نبيا اسمه صالح إلى هذه المنطقة ليدعوهم إلى عبادة الله وحده لا الأصنام. وينهاهم عن المنكر ويحثهم على الخير. وأهل هذه المنطقة هم قوم ثمود. قال الله تعالى: (وإلى ثمود أخاها السلام قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره).

وقد نحت قوم ثمود الجبال وبنوا منها البيوت والقصور. وقد أعطاهم الله تعالى قوة عظيمة مكنتهم من كسر الحجارة ونحت الجبال. قال الله تعالى: (وثمود الذين قطعوا الوادي صخرة)، وقال أيضا: (وكانوا يقطعون من الجبال بيوتا آمنة).

لقد دعا سيدنا صالح عليه السلام قومه أولاً إلى عبادة الله تعالى وترك عبادة الأصنام التي لا تنفع ولا تدفع ضراً. فذكّر قومه بنعم الله تعالى عليهم وقال لهم: (واذكروا إذ جعلكم خلفاء النصر وبوأكم في الأرض اتخذتم من سهولها قصورا والجبال بيوتا فاذكروا اتقوا الله ولا تفسدوا في الأرض ولا تفسدوا).

لكن القوم رفضوا دعوته، وسخروا منه، وسخروا منه، وأطلقوا عليه لقب الجنون والسحر. قالوا: يا صالح، لقد كنت رجلاً رشيداً كريماً، أما الآن فتغيرت كثيراً وصرت من السحرة، لا نصدق دعوتك ونشك فيها، وكيف تريدنا أن نستسلم؟ ما هو آبائنا المعشوق؟ ثم قال الله تعالى: (قالوا صدقت، لقد كنتم مرجا فينا من قبل، أنهيتنا أن نعبد ما يعبد آباؤنا، وإنا لفي شك مما تدعون). وإنا إليه إذا اشتبه أحد).

قصة النبي صالح عليه السلام (معجزة الجمل)

واستمر القوم في إنكارهم لسيدنا صالح عليه السلام، واستمر عنادهم واستكبارهم، واستمر استهزائهم وسخريتهم. قال الله تعالى: (قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا للذين آمنوا هل تعلمون أن صالحا أرسل من ربه قالوا إنا لما عنده قد تم.” به نؤمن. * قال المستكبرون: إنا لا نؤمن بالذي آمنتم به.”

ذات مرة أراد الناس أن يتحدوا صالحاً عليه السلام، فقالوا له: إذا كنت تريد أن نؤمن بالله ونعبده، فاجلب لنا ناقة من هذه الصخرة العظيمة. إنها ليست ناقة عادية. بل نريدها أن تكون ناقة عظيمة، عاشوراء، أي في بطنها جنين، وهي في شهرها العاشر. فقال صالح عليه السلام: «إذا فعلت هذا أتؤمنون بالله؟» قالوا: نعم نفعل.

فقام نبي الله صالح عليه السلام فدعا سيده وسأله أن يخرج من تلك الصخرة ناقة كبيرة. وفجأة اهتزت الصخرة أمام أعين الجميع وخرجت منها ناقة كبيرة حامل في شهرها العاشر. فقال صالح عليه السلام: هذا هو الجمل الذي طلبته. فلتتغذى في أرض الله ولا تضرها فيصيبك عذاب عظيم. قال الله تعالى: (وهذه ناقة الله لكم آية، فلتأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيدرككم العذاب قريب).

ورأى الناس الناقة بأم أعينهم ورأوها وهي تلد، فلم يصدقوا، بل استمروا في عنادهم وعدم إيمانهم.

وقد وضع الله عز وجل هذا القوم في اختبار آخر، فقال لهم صالح عليه السلام: إن هذا الجمل له يوم خاص لشرب الماء، ولكم يوم غيره. اليوم الذي لا تشرب فيه الماء ستشرب حليب الناقة وهذا يكفي الجميع. قال الله تعالى: (إن هذه ناقة لها ماء، وإن لك يوما ماء) وقال أيضا: (ونبئهم أن الماء سيقسم بينهم، سيشربون كل شراب).

قصة النبي صالح عليه السلام (الذي قتل الجمل)

وقد سئم المشركون من هذه المحاكمة وزاد حقدهم وغضبهم على هذا الوضع. قالوا: كيف يتحدىنا هذا الرجل الذي يدعي أنه نبي، وكيف نعاقب إذا شربنا يوم شربه أو قتلنا الناقة؟

فقامت امرأتان إحداهما لها مال والأخرى معها بنات، فقالتا: من قتل هذا البعير أعطيناه ما يريد من المال والنساء. ثم جاء رجل يقال له مصري ورجل آخر اسمه قدرة بن صليف إلى هاتين المرأتين وعرضا قتل الناقة.

وبموت وقوة سبعة رجال اجتمعوا ليقتلوا الناقة، فأدركوا الناقة، وأفلتت منهم الناقة حتى أحاطوا بها بين الجبال. ثم تمكن من رميها بسهم أصابها في حلقها، فصرخت الناقة بصوت عالٍ وسمعها الجميع. وهرب غلام الجمل إلى أعلى الجبل، حيث قبضوا عليه ثم ذبحوه. ثم رجعوا إلى الجمل فذبحوه وقطعوه وسالت دمه على الأرض وهم يضحكون ويتحدون الله عز وجل. قال الله تعالى: (ثم نادوا صاحبهم فأصبح مبتلى عاقرا)، وقال أيضا: (ثم كذبوه فنهوا عنه).

فذهب الناس إلى صالح واستهزأوا به وضحكوا وتحدوه. فقالوا له: يا صالح، لقد قتلنا ونحرنا البعير، فأين العذاب الذي وعدتنا؟ قال الله تعالى: (فمثلوا الناقة وعصوا أمر ربهم قالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين).

قصة النبي صالح عليه السلام (هلاك القوم).

عرف سيدنا صالح أن عذاب الله لا مفر منه، فأخذ يبكي ويطلب من قومه أن يستمتعوا بالدنيا ثلاثة أيام. في اليوم الأول تصفر وجوهكم، وفي اليوم الثاني تحمر وجوهكم، وفي اليوم الثالث تسود وجوهكم. وفي اليوم الرابع سيأتي عقاب الله ويهلك الجميع. قال تعالى: (فألعقها فقال تمتعوا بداركم ثلاثة أيام ذلك الوعد غير الكذوب)

بل اصفرت الوجوه في اليوم الأول، ثم احمرت، ثم اسودت، حتى خاف الناس أن يصيبهم العذاب. اجتمع التسعة الذين قتلوا الجمل واتفقوا على قتل صالح في الليلة التي سبقت حلول اليوم الرابع. قالوا: نأتيه بالليل فنذبحه وأهله، فإذا أصبح قلنا لم نر شيئا، قال الله تعالى: (قالوا اجعلوا نصيبكم الله واحدا) ليهلكنه وأهله ثم نقول لوليه: ما شهدنا هلاك أهله وإنا لصادقون).

وفي الليل اجتمع التسعة ليقتلوا نبي الله صالح، فسقطت عليهم حجارة من السماء فقتلتهم، ولم يبق منهم أحد على قيد الحياة. قال الله تعالى: (ومكروا مكراً ومكرنا مكراً وهم به لا يشعرون * فانظر كيف كان نتيجة مكرهم بل دمرناهم وقومهم تدميراً).

وبعد أن رأى قوم صالح القتلى التسعة، علموا يقينًا أن عقاب الله سيأتي في اليوم الرابع. فدخلوا بيوتهم وحفروا قبورهم بأيديهم وانتظروا عذاب الله عز وجل. وفي صباح اليوم الرابع بعث الله تعالى جبريل عليه السلام فصاح بهم صرخة واحدة أهلكتهم جميعا. ثم قال الله تعالى: (لقد أنزلنا عليهم الطاعون فكانوا كالنار في الهشيم).

أما سيدنا صالح عليه السلام والذين آمنوا معه فقد نجاهم الله تعالى من العذاب قال تعالى: (ولما جاء أمرنا أنجينا صالحا والذين معه آمنوا برحمة من قبل) نحن.) .

وعلى الرغم من الدلائل الواضحة التي أرسلها الله تعالى لهم، إلا أن قلوبهم كانت عمياء ولم تبصر الحق، فأهلكهم الله تعالى.

وإلى هنا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقالنا عن قصة النبي صالح عليه السلام. نأمل أن تستمتع به.