ومن قصص الأنبياء على وجه الخصوص نستمد الإيمان الكامل والصبر وتعاليم الحياة وفق الشريعة الإسلامية. ولهذا قررنا اليوم في مقالتنا أن نتحدث عن قصة النبي إبراهيم عليه السلام خليل الله، فتابعونا.

قصة النبي إبراهيم عليه السلام على قومه

وكان قوم النبي إبراهيم عليه السلام مشركين، وكان والد النبي إبراهيم “آزر” ممن صنع هذه الأصنام. فبدأ إبراهيم عليه السلام يطلب من أبيه أن يلطف ويلطف بوحدانية الله وأن هذه الأصنام لا تنفع ولا تضر، ولكن آزر يستكبر عن الحق ويصر على عبادة الأصنام. ولم يطلب من ابنه إلا أن يتركه وشأنه، فكما قال النبي إبراهيم عليه السلام ذهب إلى قومه ليدعوهم إلى عبادة الله وحده. إلا أنهم أيضًا قاوموا إبراهيم وأصروا على رفضهم، فقرر إبراهيم عليه السلام أنه إذا خرج الناس من القرية فسوف يكسر جميع الأصنام التي يعبدونها، إلا أنه لم يهدم الصنم الكبير، وهذا ما حدث بالفعل. ولما رجع الناس إلى القرية وجدوا الأصنام قد تحطمت، فذهبوا إلى النبي إبراهيم ليسألوه، فقال لهم: إن أعظم هذه الأصنام هو الذي هدمها. فانظر إلى الفأس المتدلي من رقبته!

ألقي النبي إبراهيم في الجحيم

ومن إعجاز قصة النبي إبراهيم عليه السلام حيرة قوم إبراهيم عندما كسر أصنامهم. ولم يجدوا جواباً لما يحدث، خاصة بعد أن أثبت لهم النبي إبراهيم أن ما كانوا يعبدونه باطل، ولكن إثبات الحق لم يزيدهم إلا خداعاً واستكباراً وفساداً. ومكروا على النبي إبراهيم عليه السلام بما فعل بآلهتهم. فاتفق الشعب على إلقائه في النار، فجمعوا حطبًا قربانًا لأصنامهم. لقد وضعوا النبي إبراهيم في المنجنيق ليقذفوه في النار. فلما ألقوه نادى جبريل عليه السلام بأمر ربه: يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم وكان آخر كلامه صلى الله عليه وسلم حين ألقاه في النار. وكانت النار: حسبي الله ونعم الوكيل، هذا ما قيل، ولبث النبي إبراهيم عليه السلام في النار خمسين يوما، وقيل: كان أربعين يوما، وروي أيضا أنه قال: «لم تأتي أيام أجمل منه» وكان من تلك الأيام في النار، والله تعالى أعلم.

النبي ابراهيم والنمرود

وكما ذكرنا أن النبي إبراهيم عليه السلام استخدم الأسلوب اللطيف في نداء أبيه وقومه، وكما وجدنا أيضاً أنه استخدم أسلوب المواجهة في مواجهة قومه بأصنامهم المكسورة، لكنه لم يستسلم. ولمزيد من المواجهة، فاتبع مع النمرود أسلوب الحجة بالدليل والبراهين، فقال النمرود لإبراهيم: “من ربك؟” قال: “هو ربي الذي يحيي ويخلق الأسباب” “الموت، وهذا دليل النمرود الأول.” فقال له النمرود: “أنا أحيي وأموت نفسي”، فأخذ منه أسيرين، فقتل الأول وأطلق الآخر. فقدم النبي إبراهيم برهانه الثاني وهو: أن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب. إلا أن النمرود اندهش وأذهل من الدليل الثاني على وجود الله، ومع ذلك لم يصدق النمرود!

قصة النبي ابراهيم مع الضيوف الملائكة

ومن أجمل القصص في تاريخ النبي إبراهيم عليه السلام عندما طرقت الملائكة بابه عليه السلام مبشرة بالخير والزوار. وقيل أن عددهم تسعة والعاشر هو الملك جبريل عليه السلام. وقيل أن هناك اثنا عشر ملكا، ولم يعلم أنهم ملائكة. كما تعلمون، فهي تأتي في شكل بشري. ولا شك أن نبينا أكرم ضيفه. فأكرمهم بسرعة وأحضر لهم عجلاً سميناً وشواه ليأكلوه، لكنهم لم يقتربوا حتى من الأكل، حتى خاف منهم النبي إبراهيم عليه السلام. فظن أن فيهم شرا، لكنهم طمأنوه وأخبروه أنهم رسل من الله عز وجل إلى قوم لوط يستحقون عذاب الله. إليهما ولما بشراه هو وزوجته بأن الله سيبارك لهما إسحاق، ومن بعد إسحاق يعقوب عليهما السلام.

النبي ابراهيم والطيور الاربعة

في القديم، قيل أن نبينا إبراهيم عليه السلام رأى ذات يوم جثة (ميتة) على الشاطئ، فسأل الله لأنه أصبح أكثر ثقة وليس لأنه شك في قدرة الله على ذلك. يقتله ليعيده إلى الحياة، وبما أنه كان ميتاً، أمره الله تعالى أن يتخذ أربعة أنواع من الطير. وقيل: هم الحمامة والديك والغراب والطاووس. ثم أمره أن يذبحها ويمزقها، ثم يجمع بعد ذلك كل أجزاء الطير الممزقة فيجعل كل جزء من تلك الأجزاء على كل جبل من الجبال التي حوله، ثم يناديها إبراهيم بأسمائها. ثم يأتي إليه الطير الذي ناداه. إما الطيران أو المشي، وفعلاً حدث هذا وهو دليل قاطع على العظمة. قدرة الله عز وجل.

النبي إبراهيم وفدية ابنه بكبش

وقد أنعم الله تعالى على النبي إبراهيم عليه السلام بولد بعد زمن طويل، بعد أن رقّت عظامه، وشيب رأسه عليه السلام. فدعا اسمه إسماعيل، وكان من الصالحين لآبائهم، ولم يحب إبراهيم مثله. وفي إحدى الليالي رأى إبراهيم حلماً غريباً يحمل فيه سكيناً ويذبح ابنه إسماعيل، ورؤيا. لقد كانت للأنبياء والرسل رؤية حقيقية من الله وعليهم أن ينفذوها. استيقظ النبي إبراهيم من نومه مذهولاً وقال: “إنا لله وإنا إليه راجعون”، ولا شك أن إبراهيم قص على ابنه رؤياه، كما حدث إسماعيل، وبقي لم يكن أمامه خيار. ولكن ليقول لأبيه: افعل كما أمرت إن شاء الله ستجدني من الصابرين، وقد أنصف إسماعيل الابن أباه ليذبح إبراهيم عليه السلام فوضع السكين على رقبة ابنه. فلم يلبث حتى سمع من يناديه: يا إبراهيم لقد صدقت الرؤيا، ولم يقتل السكين إسماعيل، وفدى الله إسماعيل بكبش أنزله من الجنة.

قصة هجرة النبي إبراهيم عليه السلام

أخذ النبي إبراهيم عليه السلام زوجته سارة وأخيه لوط عليه السلام إلى الشام. وقيل إنه ذهب إلى حران هربًا بدينه بعد أن أنقذه الله من النمرود، لكن بلاد الشام كانت تواجه مجاعة وقحطًا، ولم يترك له خيارًا سوى أن يأخذ أسفاره وعائلته معه إلى مصر.

1- هجرة النبي إبراهيم إلى مصر

ولما علم ملك مصر بقدوم إبراهيم عليه السلام وبوجود امرأة جميلة معه طلب منها أن يتزوجها لأنه كان يأخذ الزوجات من أزواجهن غصباً. أخبر إبراهيم الملك أن سارة هي زوجته. وعندما حاول الملك أن يلمسها تحولت يداه إلى حجر. فطلب منهم أن يسألوا ويدعوا الله أن يعيد يديه إلى ما كانتا عليه. فدعت الله من أجله وعادت كما كانت مرة أخرى. فكرر فعلته مرة أخرى فتصلبت يداه، فطلب منه مرة أخرى أن يدعو الله له، فصلت له وتحررت يداه مرة أخرى.

2- هجرة النبي إبراهيم إلى مكة

عندما كانت زوجة النبي إبراهيم عليه السلام عاقراً وغير قادرة على الإنجاب، زوجته عليه السلام من الجارية هاجر لتلد له ولداً. فولدت له إسماعيل عليه السلام، وبسبب غيرة سارة من هاجر، أخذ إبراهيم عليه السلام هاجر وابنها معه إلى الشام ثم إلى مكة وتركهما هناك.

ولكن نفد الطعام والماء، وبدأ الطفل يتلوى من الألم لأنه كان عطشانًا للغاية. فبدأت تجري بين الجبلين الصفا والمروة وتدعو الله. وبعد أن ركضت سبع مرات، أرسل الله إليها جبريل على المكان الذي يجري فيه ماء زمزم، فأجرى الله عليها ماء زمزم.

قصة النبي ابراهيم وبناء الكعبة

وقد أمر الله نبيه إبراهيم عليه السلام وإسماعيل ببناء الكعبة المشرفة. فجمع النبي إسماعيل عليه السلام الحجارة وأعطاها لأبيه الذي بنى البناء. فلما ارتفع البناء وضع إبراهيم حجرا ووقف عليه. وكان هذا المكان يعرف باسم مقام إبراهيم. وقاموا بتطهير بيت المقدس من النجاسات التي لا تليق بقدسيته، تنفيذاً لأمر الله تعالى، حتى أصبح صالحاً للعبادة والصلاة.

دروس من قصة النبي إبراهيم عليه السلام

ومن قصة نبينا إبراهيم عليه السلام نستمد فوائد وعبراً كثيرة منها:

  • توحيد الله واتباع ملة أبينا إبراهيم. ثم قال الله تعالى: “ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين”.
  • وجبر الله عز وجل غير مرتبط بزمن محدد. لقد جاء جبر الله لسارة عندما كانت عجوزًا وعاقرًا في الأصل.
  • إن ثقة النبي إبراهيم الحقيقية بربه أنقذته من النار الأرضية.
  • الإخلاص لله تعالى ينجي العبد من مخاطر الدنيا.

وإلى هنا نصل إلى نهاية مقالنا الذي تحدثنا فيه عن قصة النبي إبراهيم عليه السلام والعبر المستفادة منها.