وتشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية إلى أن هناك ما بين 1.3 إلى 4.0 مليون حالة إصابة بالكوليرا سنويًا، وأن ما بين 21 ألفًا إلى 143 ألفًا من إجمالي عدد الإصابات يموتون. وكانت هذه الأرقام كافية للتحذير من خطورة هذا المرض، وهي التي قادت المنظمة عام 2017 إلى تطوير… استراتيجية عالمية للوقاية من الكوليرا تسمى “القضاء على الكوليرا”.

عن الكوليرا

الكوليرا مرض تسببه بكتيريا تسمى Vibrio cholerae وينتقل عن طريق المياه الملوثة. وبشكل عام يكون هناك إسهال حاد يؤدي إلى الجفاف. ويكمن الخطر في أنه إذا لم تتخذ الإجراءات اللازمة وتسيطر على الجفاف الناتج، فمن المحتمل أن يسبب الوفاة في غضون ساعات قليلة.

ومن الجدير بالذكر أنه في الدول المتقدمة تم الوقاية من مرض الكوليرا بل والقضاء عليه نهائياً لأن هذه الدول اعتمدت نظام صرف صحي متطور يمنع اختلاط مياه الصرف الصحي بمياه الشرب أو ري المحاصيل الملوثة بهذه المياه.

في حين لا تزال دول أفريقيا وجنوب شرق آسيا تعاني من انتشار هذا الوباء. وعليه، نلاحظ أن الكوليرا تنتشر في الدول التي تعاني من ظروف اجتماعية واقتصادية صعبة. وتجبر هذه الظروف الناس على التجمهر بسبب عدم وجود مرافق صرف صحي من شأنها أن تشجع مثل هذه التجمعات.

للوقاية من الكوليرا، من المهم أولاً معرفة الأسباب

أولاً، من المهم ملاحظة أنه ليس كل الأشخاص المصابين بالكوليرا تظهر عليهم أعراض حادة. ومع ذلك، يظلون حاملين وناقلين للمرض من خلال برازهم. وتعزى الوفيات الناجمة عن الكوليرا إلى السم الذي تفرزه “ضمة الكوليرا” في أمعاء الشخص المصاب. مما يؤدي إلى قيام الخلايا المعوية بإفراز كميات كبيرة من الماء، مما يسبب إصابة المريض بإسهال شديد بسبب فقدان الماء المصاحب بشكل طبيعي للكهارل في الجسم.

وكما أشرنا سابقاً في عنوان الفقرة، إذا كنت تريد الوقاية من الكوليرا، فأنت بحاجة إلى معرفة مصادر العدوى. ولذلك نقول أن المياه الملوثة هي السبب الرئيسي لتطور هذا المرض. يمكن أن تتواجد بكتيريا الكوليرا أيضًا في كل مما يلي:

  • مياه الآبار الملوثة: من الملاحظ بشكل واضح أن هذا المرض ينتشر في المجتمعات التي يسودها الفقر والظروف الاجتماعية الصعبة ونقص الصرف الصحي المناسب، خاصة عندما تعتمد على مياه الآبار الملوثة بشكل متكرر. وبالإضافة إلى ذلك، فإن سطح التربة هو أيضًا مصدر محتمل للعدوى.
  • الأسماك القشريات غير المطبوخة: تشير بعض الإحصائيات إلى أن بعض حالات تفشي مرض الكوليرا في الولايات المتحدة ترجع إلى استهلاك المأكولات البحرية من خليج المكسيك.
  • الفواكه والخضروات غير المغسولة: ويرجع ذلك أيضًا إلى استخدام الأسمدة الملوثة أو مياه الصرف الصحي أثناء أعمال الري.

أعراض الكوليرا

وبغض النظر عما إذا كان الشخص الحامل للكوليرا يعاني من أعراض أم لا، فإنه في كلتا الحالتين يبقى حاملا للمرض. وذلك لأن بكتيريا الكوليرا تبقى في براز المريض لمدة تتراوح بين 7 إلى 14 يومًا وتخرج إلى البيئة الخارجية مع البراز.

وفي أغلب الحالات نجد أن حامل الكوليرا لا تظهر عليه أي أعراض. وإذا أظهرت بعض الأعراض السريرية، فهو إسهال متوسط ​​إلى خفيف، يصعب تمييزه عن أنواع الإسهال الأخرى دون الاستعانة بالفحوصات المخبرية. على العكس من ذلك، نلاحظ أن بعض المرضى تظهر عليهم أعراض حادة تؤدي إلى الجفاف الشديد والوفاة. ولذلك، لا ينبغي الاستخفاف بمسألة الوقاية من الكوليرا. أما عن أعراض المرض فهي كما يلي:

  • يوصف الإسهال بأنه حليبي وشديد: من المرجح أن يفقد مريض الكوليرا ما يصل إلى لتر واحد من السوائل في الساعة.
  • القيء: في المراحل الأولى من مرض الكوليرا قد يشكو المريض من الغثيان والقيء المتكرر.
  • الجفاف: يحدث هذا نتيجة فقدان الجسم للسوائل مع الشوارد الكهربائية، مما يسبب اضطرابًا في جميع أنحاء الجسم. وتجدر الإشارة إلى أن الجفاف يمكن وصفه بالشديد إذا أدى إلى فقدان 10% من وزن الجسم ويتجلى سريرياً في الهزال العام والتعب الشديد وقلة التبول وغائرة العينين وانخفاض وعدم انتظام ضربات القلب.
  • تشنجات عضلية شديدة: ويكون ذلك نتيجة اختلال توازن الأملاح والإلكتروليتات في الجسم بالإضافة إلى النقص الشديد في المعادن.
  • الصدمة: وهي من أكثر مضاعفات المرض تقدماً وخطورة. يحدث انخفاض في كمية الدم في الجسم، مما يؤدي إلى الإسهال الشديد وبالتالي الانخفاض الحاد في ضغط الدم.

كل ذلك يشير إلى خطورة هذا المرض القاتل وأهمية إجراءات الوقاية من الكوليرا، وهو ما سيتم الحديث عنه في فقرة لاحقة.

تشخبص

في المناطق التي ينتشر فيها الوباء، قد تكون الأعراض والمظاهر السريرية كافية لتكون بمثابة أداة تشخيصية. إلا أن عملية التأكد من الإصابة بالكوليرا لا تزال تتم من خلال الفحوصات المخبرية والكشف عن “ضمة الكوليرا في البراز”.

علاج الكوليرا

على الرغم من توفر علاجات الكوليرا التي تعتمد في المقام الأول على تعويض السوائل والكهارل التي يفقدها المريض بسبب الإسهال. ومع ذلك، تبقى عملية الوقاية من الكوليرا هي الأكثر فعالية وأماناً، حيث أن هذا المرض يودي بحياة المرضى بسرعة إذا لم يتم تناول الأدوية وعلاجها بسرعة. ويمكن ذكر العلاجات والتدابير الطبية التي تتم في النقاط التالية:

  • تعويض السوائل والكهارل التي فقدها الجسم: ويتم ذلك باستخدام ما يسمى “أملاح تعويض السوائل الفموية”. وهذه الأملاح متوفرة في الصيدلية على شكل مسحوق يمكن تحضيره مع الماء. ويجب تنفيذ هذه الخطوة بسرعة إذا اكتشف مقدم الرعاية الصحية وجود جفاف لدى المريض، حيث أنه أمر بالغ الأهمية في منع الوفاة بسبب الكوليرا، حيث أنه يقلل من فرصة الوفاة إلى 1٪.
  • السوائل الوريدية: في الحالات المتقدمة والشديدة، قد لا تكون “الأملاح البديلة للسوائل الفموية” كافية لأن الجفاف يكون شديداً من جهة، ومن جهة أخرى لا يستطيع المريض تناول مثل هذه الأدوية بسبب التعب الشديد. الذي يحدث فيه.
  • المضادات الحيوية: نظرًا لتأثيرها على بكتيريا الكوليرا، فإنها يمكن أن تساعد في تقليل شدة العدوى إلى حد ما.
  • الزنك: وذلك لدوره في تقليل شدة الإسهال.

الوقاية من الكوليرا

إذا كنت تشك في تفشي مرض الكوليرا في موقعك، يمكنك الوقاية من الكوليرا عن طريق اتباع التعليمات والنصائح التالية، والتي إذا تم استخدامها باستمرار ستحميك من العدوى المحتملة.

  • – تعقيم اليدين بشكل متكرر، خاصة بعد الخروج من الحمام أو قبل تناول الطعام. ويتم تعقيم اليدين عن طريق غسلها بالماء والصابون، مع ضمان فركها جيداً لمدة لا تقل عن 15 ثانية. أو استخدم المطهرات التي تحتوي على الكحول.
  • إذا كنت ترغب في شرب المشروبات المعلبة الباردة، تأكد من تعقيم العلبة أو عنق الزجاجة.
  • يجب الحرص على عدم استخدام مصادر مياه غير معروفة أو استخدام مكعبات الثلج.
  • تجنب الأطعمة الجاهزة التي من المحتمل أن تكون غير مطهية جيدًا، وبالتالي تأكد من طهي الطعام جيدًا.
  • الابتعاد عن جميع المأكولات البحرية.
  • لا تهمل غسل الفواكه والخضروات جيداً وتناول الفواكه التي يمكنك تقشيرها.
  • احصل على التطعيم ضد الكوليرا قبل 10 أيام من السفر إلى الأماكن التي يشتبه في تفشي الكوليرا فيها.

وأخيراً نؤكد على أن اتباع تعليمات الوقاية من الكوليرا كفيل بحمايتك من هذا المرض. ومع ذلك، لا تتردد في الذهاب إلى أقرب مركز صحي إذا شعرت ببعض الأعراض المذكورة أعلاه. إن استبدال السوائل والكهارل في الوقت المناسب هو العامل الحاسم في النجاة من الكوليرا.